الأحد، 4 مايو 2014

الإسلام والأسباب الغيبية للفقر العالمي

الإسلام والأسباب الغيبية للفقر العالمي 


29 أبريل

الإسلام والأسباب الغيبية للفقر العالمي


 
 بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قال الله العظيم في كتابه الكريم: (ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى‏ قَوْمٍ حَتَّى‏ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأنفال: 53.
وقال تبارك وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى‏ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِن دُونِهِ مِن وَالٍ) الرعد: 11.
 
إستهلال:
تعيش الأمة الإسلامية ومنذ قرون خلت ازمات متنوعة وفي شتى الميادين الحياتية من ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية بل وقانونية ايضاً، والسبب كما هو واضح الابتعاد عن القوانين الشرعية الاسلامية وايمان الكثير من مدَّعي العلم والثقافة بعدم ملائمتها للحياة العصرية ووجوب تبنّي قوانين مستوردة هي بالا صل مستنبَطة من اعراف اجنبية متلائمة والمجتمعات الغربية.
إنَّ الابتعاد عن الشريعة له آثار ظاهرية وطبيعية تظهر نتيجة هجر القوانين الاسلامية والتي لو امتثلها المسلمون لأكلوا من فوق رؤسهم ومن تحت ارجلهم قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى‏ آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ  السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأعراف:96، سواء كانت الاسباب غيبية ام طبيعية.
 الاثار السلبية التي  لحقت بالمسلمين بل بالعالم قاطبة كثيرة ابرزها ظاهرة الفقر والجوع ونقص الثمرات وكما اوضحته الآية المباركة آنفة الذكر.
 
الرسول الأعظم يحدد اسباب الفقر:
خطب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: «وأما بعد أيها الناس، اتقوا خمساً من قبل أن يحللن بكم: ما نكث قوم العهد إلا سلَّط الله عز وجل عليهم عدوهم، ولا بخس قوم الكيل والميزان إلا أخذهم الله تعالى بالسنين ونقصٍ من الثمرات، وما منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم قطر السماء، وما ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله تبارك وتعالى عليهم الظالمين، ولا فشا في قوم الربا إلا وليَّ عليهم شرارهم».
وقال صلى الله عليه وآله: «الذنوب تغير النعم: البغي يوجب الندم، القتل يُنزلِّ النقم، الظلم يهتك العصم، شرب الخمر يحبس الرزق، الزنا يعجِّل الفناء، قطيعة الرحم تحجب الدعاء، عقوق الوالدين يبتر العمر ترك الصلاة يورث الذل ترك الأمر بالمعروف النهي عن المنكر يورث الخرس».
 
اثار الذنوب:
وقال الإمام زين العابدين علي السجاد عليه السلام: «الذنوب التي تغير النعم: البغي على الناس، والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف، وكفران النعم، وترك الشكر، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى‏ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد: 1.
والذنوب التي تورث الندم: قتل النفس التي حرم الله، قال الله تعالى في قصة قابيل حين قتل أخاه هابيل فعجز عن دفنه: (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) المائدة: 31، وترك صلة القرابة حتى يستغنوا، وترك الصلاة حتى يخرج وقتها، وترك الوصية ورد المظالم ومنع الزكاة حتى يحضر الموت وينغلق اللسان.
والذنوب التي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي، والتطاول على الناس، والاستهزاء بهم، والسخرية منهم.
والذنوب التي تدفع القسم: إظهار الافتقار، والنوم عن العتمة وعن صلاة الغداة، واستحقار النعم، وشكوى المعبود عز وجل.
والذنوب التي تهتك العصم: شرب الخمر واللعب بالقمار، وتعاطي ما يضحك الناس من اللغو والمزاح، وذكر عيوب الناس، ومجالسة أهل الريب.
 والذنوب التي تنزل البلاء: ترك إغاثة الملهوف، وترك معاونة المظلوم، وتضييع الأمر المعروف والنهي عن المنكر.
والذنوب التي تديل الأعداء: المجاهرة بالظلم، وإعلان الفجور، وإباحة المحظور، وعصيان الأخبار، والانطياع للأشرار.
والذنوب التي تعجل الفناء: قطيعة الرحم، واليمين الفاجرة، والأقوال الكاذبة، والزنا، وسد طريق المسلمين، وادعاء الإمامة بغير حق.
والذنوب التي تقطع الرجاء: اليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والثقة بغير الله، والتكذيب بوعد الله عزوجل.
والذنوب التي تظلم الهواء: السحر، والكهانة، والإيمان بالنجوم، والتكذيب بالقدر، وعقوق الوالدين.
والذنوب التي تكشف الغطاء: الاستدانة بغير نية الأداء، والإسراف في النفقة على الباطل، والبخل على الأهل الولد وذوي الأرحام، وسوء الخلق، وقلة الصبر، واستعمال الضجر والكسل، والاستهانة بأهل الدين.
والذنوب التي ترد الدعاء: سوء النية، وخبث السريرة، والنفاق مع الإخوان، وترك التصديق بالإجابة، وتأخير الصلوات المفروضات حتى تذهب أوقاتها، وترك التقرب إلى الله عز وجل بالبر والصدقة، واستعمال البذاء والفحش في القول.
والذنوب التي تحبس غيث السماء: جور الحكام في القضاء، وشهادة الزور، وكتمان الشهادة، ومنع الزكاة والقرض والماعون، وقساوة القلب على أهل الفقر والفاقة، وظلم اليتيم والأرملة، وانتهار السائل ورده بالليل».
 
الباقر عن الخاتم:
وقال الإمام الباقر عليه السلام: «وجدنا في كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ظهر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة، وإذا طفف المكيال والميزان أخذهم الله بالسنين والنقص، وإذا منعوا الزكاة منعت الارض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، وإذا جاروا في الأحكام تعاونوا على الظلم والعدوان، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم عدوهم، وإذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال، في أيدي الأشرار، وإذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الأخبار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم».
 
تعقيبٌ:
نعم، هناك مصالح ومنافع لا تكون إلا بأسبابها ومؤثراتها في هذا الكون الذي جعله الله سبحانه وتعالى تابعاً لنظام العلَّية وقانون الأسباب والمسببات؛ حيث قال الإمام الصادق عليه السلام: «أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب، فجعل لكل شيء سبباً، وجعل لكل سبب شرحاً، وجعل لكل شرح علماً... ».
وإن كان الصانع هو الموجد والمؤثر التام والأول لهذا الصنع، ولكنه بلطيف حكمته جعل الأسباب الناقصة في التأثير مؤثرة بفيضه القدسي، وقائمة به قيام المعنى الحرفي بالمعنى الاسمي ـ إن صح التعبير ـ؛ وذلك مثل قوله تعالى:(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ) الأنبياء: 30، وقد اتضح بالأبحاث العلمية الحديثة والأدلة القاطعة، ارتباط الحياة والموجودات ارتباطاً وثيقاً بالماء وعناصره... فإن الماء يصبح سحاباً، فيسقي الأرض والزرع، وينبت به الثمر، ويستمد الحيوان بقاءه الحيوي منه، وما نحسه ـ نحن البشر ـ من خلال احتياجنا إلى الماء غني عن التعريف.
 
السنن الكونية وتأثيراتها:
وعليه فهناك مصالح ومنافع تتدلى من وجود الأشياء، التي وضعها الحكيم تعالى في مواضعها، فإذا فقدت مكانها المناسب، ولم تؤت من بابها، فلا تكون منفعه واقعية للبشر، وقد تكون المنفعة وقتية غير دائمية وسريعة الزوال، وهذه هي من أسباب الفقر والحرمان، فإذا قام الإنسان بما يخالف السنن الإلهية الكونية فهذا يعني معيشة ضنكا، وفقرا وحرماناً.
 
الغرب وإفقار البلاد:
من جانب آخر فقد استغل الغرب اليوم طاقات الضعفاء، كما استغل مواردهم لأجل منافعه.. فنتج عن ذلك الفقر والحرمان في أغلب بقاع الأرض، وفي مقابله الغنى الفاحش والترف الباذخ في بعض بقاع الأرض، هذا ما نحسه بالوجدان وتشهد بذلك الأرقام.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «إن الله سبحانه فرض في اموال الأغنياء أقوات الفقراء،
فما جاع فقير إلا بما متع به غني والله تعالى سائلهم عن ذلك».
هذا غيض من فيض لبعض اسباب الفقر تكون كذكرى فهل من مدَّكر، واختم الكلام بخيره قال تعالى: (قُلْ هذِهِ سَبِيلي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ  عَلَى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكينَ) يوسف:123.
والحمد لله رب العالمين.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق